يشكل التلوث بالنفايات والمواد البلاستيكية خطرا أساسيا على البيئة والإنسان، لكونها مواد غير قابلة للتحلل والتفكك، ومن بين هذه المخاطر تلويث البحار وتهديد الحياة البحرية وغذاء الإنسان.
فى مهمة بحثية بعنوان "البحر المتوسط فى خطر (بعثة ميد) تعد الأولى من نوعها فى فرنسا وأوروبا توصل عدد من الباحثين إلى أن مياه البحر المتوسط تلوث بحوالى أكثر من 500 طن من النفايات البلاستيكية شديدة الصغر التى تبتلعها العوالق أو البلانكتون، مجموعة الكائنات الحية الدقيقة التى تعيش فى المسطحات المائية مثل البحار والمحيطات وتعد موردا غذائيا مهما للكائنات البحرية، ثم تلتهمها الأسماك والكائنات البحرية وقد تقضى عليها أو تنتهى فى أطباقنا الغذائية.
وقدرت البعثة أن هناك نحو أكثر من 250 مليار من الأجزاء البلاستيكية تلوث مياه البحر المتوسط، تزن نحو أكثر من 500 طن، تسبب مشكلة خطيرة للحياة البحرية وبخاصة عند دخولها السلسلة الغذائية لها.
ويذكر أن هذه المهمة البحثية قد بدأت عام 2010، ويتوقع أن تستمر حتى عام 2013، حيث يقوم الباحثون بتحليل عينات من مياه البحر المتوسط على عمق نحو 10 أمتار، ويقف وراء هذا المشروع متطوعون استأجروا مركبا شراعيا من أموالهم الخاصة للحملة الأولى، وشارك فيه نحو 20 باحثا من نحو 10 مختبرات جامعية أوروبية.
وأشارت البعثة إلى أن نتائج العينات الأولية المأخوذة من سواحل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا أن التراكم البيولوجى للنفايات البلاستيكية ربما كان السبب وراء موت نحو 100 ألف من الثدييات والسلاحف والطيور سنويا، فهذه الأجزاء الميكروبلاستيكية التى لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، تمتصها بعض أجناس العوالق المائية، التى تعد اللبنات الأولى للنظام البيئى البحرى، والتى تلتهمها الأسماك الصغيرة إلى أن تتراكم فى أجسام الكائنات البحرية والأسماك الأكبر حجما الأعلى مرتبة فى السلسلة الغذائية.
يقول برونو دومنتيه الباحث فى علم الأحياء البحرية ورئيس البعثة +لا نعرف بالتحديد أثر ذلك على صحة الإنسان، لأن الدراسات لا تزال فى المراحل الأولية، ولكن الخطر بات وشيكا وأكيدا بالنسبة للحياة البحرية المهددة بالانقراض، خصوصا الثدييات
ويضيف بقوله +فى كثير من الأحيان يصعب إزالة هذه النفايات الميكروبلاستيكية من خلال حملات التنظيف، وذلك نظرا لصغر حجمها، ليس هناك شيء يمكننا القيام به للتخلص من هذا الخطر، فإذا قمنا بعملية تبخر لهذه النفايات البلاستيكية فإنها ستبقى فى النهاية داخل العوالق، لهذا فنحن بحاجة ضرورية لوضع حد للتلوث بالنفايات البلاستيكية من خلال حملات التوعية وتطبيق إجراءات وقواعد أكثر صرامة.
جدير بالذكر أن مهمة ميد البحثية ستتولى أخذ عينات أخرى للمقارنة، ويقول رئيس البعثة بأن البعثة ستقوم بزيارة مياه البحر المتوسط قبالة سواحل المغرب وليبيا وتونس ومالطا فى وقت لاحق من العام الحالى، وبحلول عام 2013 سننتهى بزيارة المناطق الجنوبية الشرقية مثل مصر ولبنان وسورية، وعند ذلك سيكون لدينا تحليل شامل لجميع مياه البحر الأبيض المتوسط، وبالتالى نكون قادرين بشكل واضح على وضع تقرير شامل ومفصل حول الوضع الراهن.
وقد قام المشاركون فى هذه المهمة البحثية ومن خلال حملة، مليون نقرة للبحر المتوسط.
على موقعها الإلكترونى، بهدف جمع مليون توقيع على الإنترنت من مواطنى الاتحاد الأوروبى للتأثير على اللجنة الأوروبية لتجديد القوانين القائمة منذ عام 1994 الخاصة بالمغلفات، بحيث يتم التقليل من المغلفات التى لا يمكن إعادة تدويرها.
وتشير منظمة السلام الأخضر "غرينبيس" المهتمة بشؤون البيئة إلى أن نحو 20 % من النفايات البحرية تأتى من السفن والمنصات البحرية، بينما يرد الباقى من اليابسة، وأكثر النفايات المطروحة على الشواطئ مكونة أساسا من الأكياس والزجاجات والحاويات والمشروبات البلاستيكية وبقايا شباك الصيد والحبال، التى يتم إلقاؤها عرضيا على اليابسة وفى البحر وتحملها الرياح وحركات المد والجزر والتيارات البحرية على الشواطئ، وقد تلتهمها الطيور والكائنات البحرية ظنا منها أنها فريسة، وقد عثر على الكثير من الطيور البحرية وصغارها نافقة وفى معدتها وأمعائها الكثير من الأجزاء البلاستيكية مثل أغطية الزجاجات والولاعات والبالونات البلاستيكية.
وقد أشارت التقديرات إلى أن هناك أكثر من مليون طائر بحرى ومائة ألف من الثدييات والسلاحف البحرية تموت سنويا إثر التهامها لمواد بلاستيكية أو وقوعها فى شباك مكونة من أجزاء وبقايا مواد بلاستيكية.
إن مشكلة النفايات البلاستيكية أصبحت تؤرق الكثير من دول العالم، وأصبح هناك ضرورة عاجلة لوجود قوانين وتشريعات صارمة تلزم بفرز وإعادة تدوير النفايات البلاستيكية والحد من طمرها فى التربة، وعلى المستوى الشخصى أن نستبعد ونحد من قائمة المواد البلاستيكية من لائحة مشترياتنا والتخلص منها بطرق مسؤولة أو استبدالها ببدائل صحية للبيئة والإنسان كأكياس الورق أو القماش، وأهمية توعية أصحاب السفن وزوارق الصيد والعاملين عليها بالعواقب الوخيمة للتخلص بعشوائية من المواد البلاستيكية، حرصا على سلامة النظام البيئى والكائنات البحرية وصحة الإنسان.
الكاتب: أسماء عبد العزيز
المصدر: موقع اليوم السابع